الصفحات

الجمعة، 23 أكتوبر 2020

ما هي حقيقة بطلان الشهادات اليمنية في الخارج وخروج بلادنا من جودة التعليم العالمي؟




انتشر مؤخراً الحديث عن خروج ست دول عربية من التقييم وفقاً لمؤشر المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، واليمن وفقاً للمؤشر تعد خارج التقييم العالمي، والغريب هو الترويج لعدم اعتماد الشهادات اليمنية سواء الثانوية أو الجامعية بعد صدور مؤشر جودة التعليم .


منتدى دافوس منظمة غير حكومية[1] لا تهدف للربح مقرها جنيف بسويسرا أسسها أستاذ في علم الاقتصاد كلاوس شواب في 1971. ويعتمد مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، على 12 معيارًا[2]، هم: “المؤسسات والابتكار، بيئة الاقتصاد الكلي، التعليم الجامعي، التدريب، الصحة، التعليم الأساسي، كفاءة أسواق السلع، كفاءة سوق العمل، تطوير سوق المال، الجاهزية التكنولوجية، حجم السوق، تطوير الأعمال والابتكار”


 ليست هي السنة الأولى التي تُعد اليمن خارج التقييم وكذلك دول أخرى، ولكنها – كما يبدو – هي السنة الأولى التي تم الترويج لقضية بطلان الشهادات اليمنية ، ومما يجدر قوله هو أن هذا التقييم لا علاقة له بالاعتماد الأكاديمي، فمؤسسات الاعتماد الأكاديمي الدولية لديها معايير خاصة، وهناك بروتوكولات ضابطة لاعتماد أو عدم الاعتراف بأي مؤهلات، وهذه الاتفاقات العالمية أو الثنائية ملزمة للأطراف الموقعة عليها، وعليه فإننا نجد بعض الدول لا تعترف بالشهادات الصادرة من بعض الجامعات وتضع معايير معينة للقبول في جامعاتها، كما أن هناك من الجامعات من تعتمد على اختبار الطالب وتحديد مستواه بغض النظر عن شهادته وجهة إصدارها، وبناء عليه تُقرر اعتماد سنة تأسيسية أو سنتين قبل التحاق الطالب بالتخصص المطلوب.


نحن لا نشك طرفة عين بأن التعليم في اليمن منهار، وبأن النظام التعليمي بحاجة إلى تغيير جذري بحيث يتواكب مع تطورات الحياة ومتطلبات سوق العمل المحلية والعالمية، ولكن هذا لا يعني بأن الموهلات التي يحصل عليها أبناؤنا غير معتمدة !!


نحن في اليمن بحاجة إلى تغيير يشمل : السلم التعليمي ، المناهج ، نظام التقويم، ويتبعه تغيير في كل عناصر العملية التعليمية وإعادة تأهيل البنى التحتية لمؤسسات التعليم بحيث تستوعب عملية التغيير، ولكن هذا التغيير لا يأتي بين عشية وضحاها، كما إن حالة الحرب والاضطرابات السياسية والعسكرية لا تجعل للتعليم أولولية لدى الدولة، فالنفقات العسكرية أثناء الحروب هي التي تتصدر قائمة النفقات.


ومع هذا فإن هناك نور يلمع في نهاية النفق كما يقال، فأعداد هائلة من اليمنيين التي ألجأتهم ظروف الحرب للنزوح عن اليمن أصبحوا اليوم على درجة عالية من التأهيل، كما أنهم غدَوْا أرقاماً صعبة في كثير من الجامعات والمؤسسات التعليمية العالمية مما يبشر بأن عملية التغيير لن تأخذ مدىً زمنياً طويلاً .



مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوسمؤشر دافوس في جودة التعليم ليس هو المؤشر العالمي الذي يتم اتخاذ القرارات في اعتماد الشهادات أو إلغاؤها وفقاً له، كما أنه ليس هو المؤشر الوحيد للجودة ، فهناك مؤشرات لمؤسسات غير حكومية كثيرة، وللعلم فإن الكثير من تلك المؤشرات تتعامل مع شكليات ومظاهر الجودة ولا تغوص في تفاصيل العملية التعليمية، ومن هنا فإننا نجد صعود الكثير من الدول الثرية في الترتيب نظراً لإمكاناتها التي تؤهلها للعمل على توفير المعايير الشكلية للجودة ، في حين أننا لو دققنا في المخرجات التعليمية لأصابتنا الدهشة !!


وفي تقديري الشخصي، فإن الحكومة اليمنية قادرة حتى في ظل هذه الظروف من تحسين وتطوير التعليم وذلك بجلب المنح وعقد الشراكات مع الجهات الدولية والإقليمية والمحلية، والاستفادة من الكوادر التربوية في إعادة صياغة مشروع التعليم وفقاً للرؤى الحديثة، ولا بد في هذا السياق من النأي بالتعليم عن حلبة الصراع السياسي والعسكري والمذهبي والمناطقي وغيرها من الصراعات التي تكرس الجهل والتخلف.


 

والخلاصة هي أن لا تأثير لمؤشر دافوس الأخير على قبول شهادات الطلاب اليمنيين، ولكنه مؤشر يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار لدى السلطات الحكومية والمؤسسات التعليمية مما يدفع الجميع للعمل معاً لتجاوز مشكلات التعليم والعمل على صياغة مشورع تعليمي نهضوي، وهنا يجب أن تتظافر كل الجهود الرسمية والشعبية ورجال العلم والمال، فالمسؤولية مشتركة ومستقبل أبنائنا مسؤوليتنا جميعاً.


[1] shorturl.at/clBF8

[2] shorturl.at/jozO6


----------------------------------------

المجلس التعليمي اليمني - ماليزيا

د.عبد القوي القدسي

أقرأ في الموقع الأصلي هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق